موقع التواصل الاجتماعي الشهير ماي سبيس.. من القمة إلى الانهيار على يد فيسبوك

ماي سبيس
ماي سبيس

تعد خدمة التواصل الاجتماعي ماي سبيس Myspace والتي عرفها العالم قبل زمن الفيسبوك، هي خدمة تواصل اجتماعية أمريكية تأسست في العام 2003 وانهار في 2008.


وكان ماي سبيس حينها هو أكبر موقع للتواصل الاجتماعي في العالم من حيث عدد الزوار؛ حيث وصل حينها إلى أكثر من 100 مليون مستخدم شهرياً.

رحلة المنشأ والاستحواذ:

كان اسم نطاق ماي سبيس دوت كوم  MySpace.com‏مملوكاً في الأصل لـ YourZ.com والذي كان مخصصاً حتى عام 2002 لاستخدامه كموقع لتخزين البيانات ومشاركتها عبر الإنترنت، وتم نقل الموقع بحلول أواخر عام 2003 من خدمة تخزين الملفات إلى شبكة اجتماعية.

اقترح كريس دي وولف، وهو أحد المساهمين في بناء الموقع، تقاضي بعض الرسوم من مستخدمي ماي سبيس للمساعدة في دفع تكاليف استضافة الموقع وأمور من هذا القبيل، لكن تم رفض الفكرة على أساس أن إبقاء ماي سبيس مجانيا كان ضروريا لجعله مجتمعاً ناجحاً.

وسرعان ما اكتسب موقع ماي سبيس شعبية بين المراهقين والشباب وبدأ في جلب عدد كبير من الزوار مع مرور الوقت.

وأجرى دي وولف في فبراير من عام 2005 محادثات مع مارك زوكربيرج حول استحواذ ماي سبيس على منصة فيسبوك، لكن دي وولف رفض حينها عرض زوكربيرج الذي طلب 75 مليون دولار.

وكانت البداية عندما استحوذت شركة نيوز كوربوريشن على موقع أو خدمة ماي سبيس في يوليو 2005 مقابل 580 مليون دولار، وهو ما أكسب الموقع شهرة أكبر حيث نجح في يونيو من عام 2006 في تجاوز موقعي ياهو وجوجل ليصبح الموقع الأكثر زيارة في الولايات المتحدة.

وكان الموقع خلال وقت الاستحواذ يحصد 16 مليون زيارة شهريا وينمو بسرعة وبشكل كبير، لقد تغلبت شركة نيوز كوربوريشن على شركة فاياكوم حينما قدمت سعراً أعلى لشراء الموقع.

وفي يناير 2006 أعلنت شركة فوكس عن خطط لإطلاق نسخة بريطانية من ماي سبيس، وخلال نفس العام أصبح الموقع متوفراً في 11 دولة عبر أوروبا وآسيا والأمريكتين.

واصلت الشبكة تحقيق المزيد من النجاحات حيث أُنشئ الحساب رقم 100 مليون على الموقع في التاسع من أغسطس 2006 في هولندا. ووقعت الشبكة في نفس الشهر صفقة إعلانية بارزة مع شركة جوجل حصلت بموجبها على 900 مليون دولار على مدى ثلاث سنوات، أي ما يقرب من ضعف السعر الذي دفعته نيوز كوربوريشن في الاستحواذ على الشركة، مقابل حصول جوجل على حقوق حصرية لنشر روابطها الدعائية والترويجية على ماي سبيس.

وتضاعفت في غضونِ عام واحد قيمة ماي سبيس ثلاث مرات من سعر الشراء، وقد رأت شركة نيوز كوربوريشن في عملية الشراء وسيلة للاستفادة من الإعلانات عبر الإنترنت.

منافسة فيسبوك وتويتر لـ ماي سبيس:

بدأت مواقع وشركات أخرى في منافسة ماي سبيس إلى أن برز موقع فيسبوك والذي نجح في أبريل 2008 في تخطي ماي سبيس في عدد الزوار من جميع أنحاء العالم، لكن الأول حافظ على الصدارة من حيث عدد الزوار من الولايات المتحدة إلى أن خسرها في مايو 2009 لصالح شبكة فيسبوك من جديد.

كان الموقع يحقق إجمالي إيرادات تبلغ مليون دولار شهرياً، لكن وبحلول شهر أكتوبر 2006 أصبح الموقع يحقق إيرادات تبلغ 30 مليون دولار شهريًا نصفها جاء من صفقة جوجل، وجاءت نسبة 50% المتبقية من الإعلانات المصورة المباعة من قبل فريق المبيعات الداخلي لماي سبيس.

وحقق موقع ماي سبيس 800 مليون دولار من العائدات خلال السنة المالية 2008، لكن عدد مستخدمي الموقع بدأوا منذ ذلك الحين في الانخفاض بشكل مطرد على الرغم من إعادة تصميم وبرمجة الموقع في أكثر من مناسبة.

ولعب الموقع دورا مهما في النمو المبكر لشركات مثل يوتيوب، كما أنشأَ نظاما أساسيا للمبرمجين والمطورين مكن من ظهور عدد من المواقع التي حققت شهرة ونجاحا كبيرين على غرار موقع فتو بوكيت الذي تميز في العقد الأول من القرن الواحد والعشرين في خدمة استضافة الصور.

 وظفت الشركة القائمة على موقع ماي سبيس في يونيو 2009 حوالي 1600 موظف للمساعدة في استعادة الشبكة لمستخدميها، وبحلول يونيو 2011 اشترت شركة سبيسيفيك ميديا جروب وجاستن تمبرليك الشبكة بحوالي 35 مليون دولار.

تم الإعلان في الحادي عشر من فبراير 2016 عن شراء شركة تايم إنكوايرر لموقع ماي سبيس والشركة الأم المشغلة للموقع.

 وظلت شركة تايم إنكوايرر تدير الموقع لسنتينِ تقريبا إلى أن استحوذت عليها شركة ميريدث كوربوريشن، وبالتالي فهو استحواذ على ماي سبيس أيضا، في يناير 2018.

أسباب التراجع:

تجاوز فيسبوك في التاسع عشر من أبريل 2019 موقع ماي سبيس في تصنيفات أليكسا، ويأتي التراجع بسبب تمسك الشبكة بما يعرف باسم "استراتيجية البوابة" لبناء جمهور مهتم بالترفيه والموسيقى، بينما عملت فيسبوك وتويتر باستمرار على ميزات جديدة لتحسين تجربة التواصل الاجتماعي.

كما أن صفقة الإعلان لمدة ثلاث سنوات بقيمة 900 مليون دولار مع جوجل كان لها مكاسب نقدية قصيرة الأجل إلا أنها كانت عقبة على المدى الطويل، حيث تطلبت هذه الصفقة من ماي سبيس وضع المزيد من الإعلانات على موقعها الذي يضم إعلاناتها السابقة أصلا وهو ما جعل الموقع بطيئا وأصعب في الاستخدام وأقل مرونة.

كما فشلت ماي سبيس في تحديث موقعها وإضافة ميزات جديدة له في الوقت الذي كان فيه موقع فيسبوك المنافس يضيف المزايا والخصائص واحدة تلو الأخرى ويقدم تصميما جديدا وجذابا.

ومن بين الأسباب أيضاً تركيز شركة نيوز كوربوريشن على تحقيق الدخل على المدى القريب بدلاً من التفكير في استراتيجية طويلة الأمد، بينما ركزت منصة فيسبوك على المستخدم قبل الإيرادات.

بالإضافة إلى تعرض الأطفال للمواد الإباحية على موقع ماي سبيس حيث فشلت الشبكة في إنشاء فلتر فعال يمنع الرسائل غير المرغوب فيها وهو ما أساء نوعا ما للموقع ولسمعته.

كما أثر ظهور شبكات اجتماعية متخصصة مثل تويتر التي بدأت في استهداف مستخدمي ماي سبيس في محاولة لجذبهم نحوها فيما طورت شبكة فيسبوك أدوات اتصال كانت تعتبر آمنة مقارنة بماي سبيس.

كما تأثرت شبكة ماي سبيس بتسريح 37.5% من قوتها العاملة، بما في ذلك 30% من موظفيها الأمريكيين، كما تم تخفيض عدد الموظفين من 1600 إلى 1000.

وفي عام 2009 أعاد موقع ماي سبيس تصميمه من أجل استعادة وكسب مستخدمين جدد، لكن التصميم الحديث جلب نتائج عكسية على ما يبدو حيث لوحظ أن مستخدمي الموقع لم يعجبهم بشكل عام التعديلات والتغييرات الجديدة.

وأشارت إحصائيات كوم سكور التي صدرت في مارس 2011 إلى أن شبكة ماي سبيس فقدت 10 ملايين مستخدم بين يناير وفبراير 2011 حيث انخفض العدد من 95 مليون إلى 63 مليون مستخدم خلال الـ 12 شهراً السابقة.

وسجلت شبكة ماي سبيس أكبر انخفاض في مستخدميها في فبراير 2011 حيث انخفض عدد الزيارات بنسبة 44% عن العام السابق، وقد تسببت كل هذه الأرقام في تراجعِ عدد من المعلنين الذين أبدوا عدم استعدادهم للالتزام بصفقات طويلة الأجل مع الموقع.

طرح للبيع:

وطرحت شركة نيوز كوربوريشن في أواخر فبراير من عام 2011 موقع ماي سبيس للبيع رسميا مقدرة قيمته بحوالي 50 حتى 200 مليون دولار. كانت خسائر الشركة بسبب الموقع في الربع الأخير من عام 2010 قد بلغت 156 مليون دولار أي أكثر من ضعف العام السابق وهو ما أدى إلى تراجع إيرادات شركة نيوز كورب الأم.

وانتهى الموعد النهائي لتقديم طلبات شراء الموقع في الواحد والثلاثين من مايو 2011 دون تقديم أي مبلغ أعلى 100 مليون دولار، فقيل إن الانخفاض في عدد المستخدمين خلال الربع الأخير ردع العديد من مقدمي العروض المحتملين.

وأعلن موقع ماي سبيس في 29 يونيو 2011 للشركاء والصحافة عن بيع الموقع رسمياً لشركة سبيسفك ميديا مقابل مبلغ لم يتم الكشف عنه، لكن تقارير صحفية رجحت قيمة الصفقة في حدود 35 مليون دولار، بما في ذلك شبكة سي إن إن التي أكدت على قيمة الاستحواذ مشيرة إلى أن المبلغ أقل بكثير من 580 مليون دولار التي دفعتها نيوز كوربوريشن مقابل ماي سبيس عام 2005.