مقال بقلم د/ ياسر حسان: الفن والإعلام المصري.. إلى أين؟

الدكتور ياسر حسان اقتصادي وقيادي بحزب الوفد المصري
الدكتور ياسر حسان اقتصادي وقيادي بحزب الوفد المصري

تابعت تطورات الشركة المتحدة خلال الأيام الماضية، ودون ارتداء قناع المعارضة هناك الكثير من التساؤلات التي تحتاج إلى إجابة..


في البداية التساؤلات ليست لها علاقة بالأشخاص بل بأسلوب العمل، فمجلس الإدارة السابق والحالي هم من أصحاب الخبرات الكبيرة وأعرف بعضهم عن قرب. المواطن المصري من حقه أن يقلق علي الفن والإعلام المصري الذي كان دائما وأبداً هو القوة الناعمة لمصر إقليمياً، ولا تستقيم الأمور دون أن تكون هناك إجابات وافية للتساؤلات..

- كيف ستطرح الشركة المتحدة في البورصة المصرية؟

لأن الطرح يحتاج إلى تدقيق وفحص لميزانيات سنوات متتالية، ومع ملكية الشركة للدولة أو لأحد أجهزتها، فهل سيكون متاحاً مثل هذا الفحص قبل طرحها للاكتتاب العام. الشعور لدي أن هذا لن يحدث لأن الهدف العام لدى الحكومة هو السيطرة على الإعلام وتوجيهه.. وهو ما يتطلب سيطرة كاملة على إدارة الشركة.

- هل هناك نية حقيقية لسوق المنافسة في الإنتاج الفني؟

حالياً تتربع النجمة ياسمين عبد العزيز على عرش الدراما المصرية من حيث التوزيع الخارجي في منافسة محمومة مع النجمة اللبنانية نادين نجيم، التوزيع الخارجي يحتاج إلى أعمال فنية تخاطب شريحة أوسع من الجمهور العربي وليست موجهة للداخل، وهنا من المهم معرفة ما إذا كانت شركات الإنتاج الخاص ستمنح تصريحاً للتصوير لأعمال فنية تمتلك حقوقها بالكامل، لأن الحديث الآن هو عن تعاون لشركات إنتاج مع الشركة المتحدة، وهو ما يعني إنتاج موجه وموافَق عليه مسبقاً لكن من خلال آخرين.. وهل ستمنح الموافقات على إنشاء قنوات فضائية جديدة لتوسيع دائرة المنافسة والتنوع؟.

- كيف سترد الشركة على اتهامات الاحتكار؟

في البداية امتلاك الشركة المتحدة لكل هذه الشركات التابعة والمتنوعة بين الإعلام والإنتاج الفني ووكالات الإعلان أمر معتاد في العديد من مجموعات الاتصالات العالمية، لكن الفرق أن هناك قوانين تحمي من المنافسة الاحتكارية.. فمثلاً عندما أراد إمبراطور الإعلام روبرت مردوخ شراء القناة الرابعة البريطانية رفضت الحكومة بيعها لأن هذا يخل بالمنافسة في سوق الإعلانات البريطانية.

مثال آخر لرجل أعمال فرنسي كان يمتلك أسهماً في وكالة إعلان أسبانية وأخرى فرنسية، ولعدم تضارب المصالح أجبر على خيارين؛ إما دمج الوكالتين في شركة واحدة أو التخلي عن أسهم أحدهما.

في أسواق المنافسة الكاملة هناك دائماً حدود لحجم أعمال الشركات داخل كل نشاط، وأيضاً مراقبة لنسبة حاملي الأسهم في هذه الشركات، فإذا تجاوزت حصة أي شركة نسبة ٢٠٪ من حجم السوق أصبحت تخضع لمراقبة أجهزة محاربة الاحتكار، وما حدث لمايكروسوفت وما تتعرض له فيسبوك الآن ليس ببعيد. لكن في ظل وجود حكومة لديها رغبة في توجيه السوق، فالمنافسة الاحتكارية تقع دائماً في يدي المحتكر الذي ترغب به الحكومة.

لا شك أن الشركة المتحدة لها حسنات مثل خفض أجور الفنانيين التي كان مبالغاً بها جداً، وطورت من إمكانيات الإنتاج من ديكور وإخراج، وهذا ساعد في عودة جودة الأعمال الفنية المصرية إلى سابق عهدها، لكن لا يجب أن ننسى تجربة MBC عندما قررت لظروف شخصية وأخرى سياسية -لا داعي لذكرها- التوقف عن إذاعة المسلسلات المصرية واستبدالها بالتركية التي نالت إعجاب الجميع بما فيهم المصريين، الذين تقبلوا أيضاً اللهجة السورية. حينها دخلت MBC وقناة الحياة التي تربعت وقتها علي عرش القنوات المصرية في صراع كبير علي شراء الدراما التركية، لكن الوضع توقف مع بدء الصراع مع السعودي التركي. تلك الأوضاع ساعدت أيضاً الشركة المتحدة في مهمتها، لأن ما تعرضت له سوريا الشقيقة من مِحن، وصعوبة الوضع في لبنان، أبطأ بشكل كبير نمو الإنتاج الفني لديهم، وصب هذا في مصلحة الدراما المصرية التي التقطت أنفاسها لتعود من جديد بقوة.

أخيراً.. ما أعلنته الشركة المتحدة بعضها يثير الفرح وبعضها يثير القلق، وتبقى الممارسة الفعلية وتطبيق ما تم الإعلان عنه هو الحكم الحقيقي أن التغير هو تغير في التوجهات والمفاهيم لا تغير في الأشخاص والمسميات، فالظروف المتاحة حالياً إن لم نستغلها قد لا تتوفر مستقبلاً.